ثمانيـن عام من " الليغـا " .. ثمانيـن عام من " السحـر" !
__________________
في احد مقاهي ضواحي لندن - انجلترا في عام 1888 كان ذلك الشاب اليافع لا يوقف البحث عن ايجاد حبيبته , صعب الاقتناع , وليس الشكل وحده معياراً لاختيار رفيقته , ليس كباقي الشبان , لذلك الجميع يلقبونه " بالحكيم " لانه يعرف كيف يصطاد الحسن , مرت من جانبه فتاه وهو يحتسي القهوه , لم يعرف كيف يتقبل " حُسنها " فعبر عن ذلك بوضع القهوه على الطاوله وظل مسمراً عينيه باتجاهها , حتى ان وحي حكمته اشار له بها , صرخ احداً ما في داخله " ان هذه عشيقتك " , جذبها بحسنه وحكمته , اليه , فكانت حبيبته , تقدم بهم العمر وهم مضرب المثل " بالعشيقين " وبعد عشر سنوات بدأت مساوئ هذه الفتاه بالظهور فقد كانت " سريعه " في قراراتها , عجوله , وداماً تنظر الى الامام فقط , " هجوميه " عند كل موقف .. فقرر تركها ...
ذهب حزيناً الى " روما " - ايطاليا في عام 1898 بعيداً عن حبه السابق , وكعادته في التعبير عن حزنه , يقصد مقهى ينظر فيه الى الكم الهائل من العاشقين هناك الذين يعشقون لمقاصد مختلفه لا تجاري حنكته في العشق , ومقاصده البليغه في ذلك , وبنفس الكيفيه التي حدثت في لندن لكن هذه المره في روما مرت فتاه بالغه في الحُسن والجمال خطفت قلبه كما لو كان لاول مره يميل , تحركت عجلات الحنكه لديه مُصدره صوت القبول والاقبال , وكعادته استجاب , لانه يثق ثقه عمياء بايحاءات حنكته , عشقها بكل مايملك من مشاعر , وترجم ذلك كله بكل مايستطيع في جوارحه 31 عام من العشق , فرح وحزن مرات ومرات , لكن شيئاً ما كان يحاول الصدود عنه في " شخصيتها " , غير ان الوانه واضحه للحد الذي لا تستطيع العين انكاره كانت هذه الفتاه " مُعقده " في امورها , و " دقيقه " بشكل ينفره , لا تدع الامور تمشي ببساطه , وفي حال فتح النقاش معها بهذا الخصوص تكون " دفاعيه " في موقفها .. فقرر تركها ...
هرب باكياً , متحسراً على نهايته مع عشيقته الايطاليه الى " مدريد " - اسبانيا في عام 1929 وكعادته لجأ الى احد مقاهيها الهادئه وبدأ في احتساء قهوته , اصبح هذا الشاب معيار لتقييم " حبيبين " لحسن اختياراته , فهو لم يكن مُخطئ في علاقاته السابقه , كل مافي الامر ان العشيقات تتغير في صفاتها التي بدأها معها , فيهرب بعيداً عنها , كان يضيف بعض السكر لقهوته اثناء مرورها , لم يشعر بالسكر ينسكب خارج الفنجان حاول ان يُظهر تحكم اكبر لتصرفاته فأسقط الفنجان على الطاوله , ارتبك وكأنه في مُقتبل عمره , وان مارآه من قبل في انجلترا وايطاليا وغيرها ماهو الا حرف في كلمة الجمال , بدون وحي بدون اي تردد .. " هـذه عشيقتـي الـى الابـد " تحرك لسانه بها دون ان يشعر , ظل وفياً لهذا الحب 80 عاماً , مات هذا الاسطوره في هذا اليوم ولكن بقيت مذكراته تحكي للعالم كيف تحب؟ عُلقت في جدران منزله , فهي حِكم يريد منها ان تصل لمسامع العالم , كان في احدها يقول : " حبيبتي الانجليزيه كنتي مندفعه ولا تنظرين الى الخلف , حبيبتي الايطاليه كنتي تنظرين كثيراً الى الوراء ومعقده , عشيقتي الاسبانيه انتي الميزان الذي وضع الايطاليه في كفه والانجليزيه في كفه انتي بالغه في الاتزان , انتي عشيقتي الابديه , سأموت واكتبوا على قبري : الى كل العاشقين لا تضيعوا الوقت في البحث اقصدوا الاسبانيه " بهذه الكلمات مات اعظم " مشاهد " يختار الاجمل لعينيه ...
" كهله " لكن جميله , ومثيلاتها من بني جنسها ينظرون اليها باعجاب , " 80 " ليغا مرت , في كل واحد منها تنشر الفرح والسرور في ارجاء اسبانيا ابتداءاً فأوربا والعالم امتداداً , اصبحت " الليغا الاسبانيه " جزء لا ينفك من احداث العالم الدواره , التي تطل كل عام " بنظام " خارق , وبشكل جديد , بفرق كبيره , وبجماهير اكثر وعياً , فصراخ المناصرين لا يتعدى حدود الملعب , وهذا الشئ تتميز به هذه الليغا , فالاحداث الجانبيه التي تعبر عن هوس شاذ تكاد لا تتعدى اصابع اليد , خلافاً لما يحدث في بعض الدوريات الاخرى من زعزعه للهدوء , وايقاظ لمضاجع الابرياء , واعطاء الشئ اكبر مما يستحق , والخروج به عن المألوف والمحدود بسبب العمى الاخطر " التعصب " ...
قبل " 80 " عام بالتمام والكمال وتحديداً في 10 - 2 - 1929 أُعلنت اول صافره لبداية الليغا , استطيع ان اتخيل ان القائمين عليها آنذاك لم يكونوا يتطلعون الى ان تظهر بهذا الشكل الجذاب , وهم الان يعيشون سحرها , ويرقصون على انغام ايقاعها , قبل ذلك بكثير بدأت الكره الانجليزيه نشاطاتها فرغم جمال الكره هناك , الا ان الشابه الاسبانيه تثير غرائز المتتبع اكبر بكثير من الانجليزيه التي بلغت من العمر عتياً , الليغا الاسبانيه ببساطتها وخفتها تبدو امتع من صديقتها الايطاليه المعقده ..
برشلونه , ريال مدريد , اتلتيك بلباو , اتلتيكو مدريد , ريال سويسيداد , اسبانيول , ريال يونيون , رايسنغ سانتاندير , اوربا , اريناس دي جويشو هم من قصوا شريط الليغا الاسبانيه , وكان بطلهم حينها , الفريق المتصدر حالياً " برشلونه " , حتى قبل الحرب الاهليه في اسبانيا كانت برشلونه واتلتيك بلباو هم المهيمنون على البطولات في اسبانيا , لحين ولادة ريال مدريد الذي لم يكتسح فقط بطولات اسبانيا بل اوربا والعالم ..
اساطير ركضت في ملاعب اسبانيا , سال عرقها فيها , مُحييه عُشبها , ملونه اياه , وراسمه به صور الابداع , ديستيفانو , كرويف , مونوز , بوشكاش , مارادونا , خينتو , كولمان , كوبالا , هيوجو سانشيز , هييرو , ريفالدو , زيدان , فيجو , رونالدينيو , رونالدو قديماً , والان راؤول , ميسي , وروبين , وكاسياس , وايتو , اكزافي , فيا , بويول , راموس والكثير الكثير .. مع هذه الليغا لا يمكن ان تتوقف النجوم .. ولا يمكن ان تنضب المتعه ..