نحن فين والناس وين ؟؟؟؟

رغم كل مظاهر الإحتراف ( الشكلية والفعلية ) التي نشاهدها في محيطنا العربي ورغم كل الأسماء ( المُبْهرة والمُبَهّرة بضم الميم وتشديد الهاء ) التي تزخر بها أنديتنا وملاعبنا العربية إلا أنني أكاد اجزم أننا في واد والإحتراف الحقيقي في واد آخر مع كامل إحترامي لكل الدوريات التي تطلق على نفسها دوريات المحترفين ولكل محاولات الإتحاد الآسيوي بفرض خطوات إجبارية لدفع آسيا نحو الإحتراف الحقيقي .....

الإحتراف ليس عقودا بالملايين ولاعبين باسماء طنانة ورنانة ولجنة نطلق عليها لجنة الإحتراف وغرفة للعلاج الطبيعي وبورد وراء اللاعبين في الميكسد زون وعقود إعلانية ودعائية وأسماء لشركات ( وهمية بإسم شركة نادي فلان وعلان ) بينا تكون الحكومة هي المالكة والحاكمة والممولة وهي من تشيل رئيس ناد وتحط واحد بداله ..... وبدل ان تكون تذاكر المباريات وريوع المنتجات التي تحمل العلامة التجارية للنادي وعقود الرعاية والدعاية هي الاساس في مدخولات الاندية مازلنا نرى اعضاء شرف وداعمين يدفعون عندما يحلو لهم ويمنعون عندما يغضبون ....

اقول هذا الكلام بعدما قضيت خمسة ايام في ربوع مانشستر يونايتد احد اهم وأغنى واعرق اندية العالم وهو بطل بلاده وأوروبا والعالم الحالي وماشاهدته خلال رحلتي التي اشرف على تفاصيلها نيك همفريز مدير العلاقات العامة وديانا لو ( ابنة الاسطورة دينيس لو ) وهي مديرة العلاقات الأعلامية في النادي جعلني ادقق في أدق التفاصيل الصغيرة ووجدت الفوارق مذهلة بين ما هو حاصل عندنا وعندهم ...

هي تجربة تستحق ان ارويها للقراء بكل تفاصيلها المملة ... فهناك لديهم تقاليد في العمل وهي ليست موجودة عندنا وعندهم إحترافية صارمة في العمل الإداري قبل التدريبي وهو ليس موجود لدى غالبية انديتنا العربية... ففي ملعب أولد ترافود تجد نفسك في قلب مدينة متكاملة فيها المطاعم و" البارات " والغرف الخاصة لمن يرغبون بمشاهدة المباريات وهم يتناولون طعام الغداء او العشاء ( وهي ليست للمحسوبين على النادي وابناء الوجهاء والمدعومين واصحاب الواسطات ) ولديهم 56 الف كرسي محجوزين سلفا لحملة البطاقات السنوية ومن يريد هذه البطاقات عليه أن ينتظر 5 سنوات حتى يأتي دوره ... وفي الملعب متحف لتاريخ مانشستر زاره العام الماضي 235 الف زائر من كافة أرجاء الدنيا دفع الكبير فيهم 80 ريالا ليدخل والصغير حوالي 50 أي مدخول إضافي صافي وفي الملعب محلات بيع ملابس وأدوات تحمل شعار مانشستر والقميص ب300 ريال فقط والكميات التي تباع مذهلة ودخلها بعشرات الملايين من الدولارات ... وفي النادي 500 موظف يتناوبون كأدلاء سياحيين للمجموعات السياحية التي تدخل غرف تبديل اللاعبين وتصطف مثل اللاعبين قبل المباريات مع موسيقا وأهازيج ليجعلوا الزائر يشعر أنه في قلب الحدث رغم أن المدرجات فارغة ... وبالمناسبة ولا واحد من هؤلاء ال500 موظف يستطيع حضور اية مباراة لمانشستر دون ان يشتري تذكرة دخول بسعر يتراوح بين 28 جنيه استرليني و48 وهم يسمحون بتخفيض قيمته خمسة جنيهات للعاملين بالنادي ... ولكن كل مايمكن طرحه للبيع هو 4000 آلاف تذكرة من سعة الملعب البالغة 76182 كرسي بعضها الكثير محجوز سلفا لأشخاص بعينهم دفعوا دم قلبهم حتى يحصلوا على الكرسي وليسوا من جمهور الكنتاكي والوجبة والسحوبات على البطاقات التي يتم تقديمها في بعض الدول العربية ( الخليجية ) مجانا ....وهناك الأكاديمية التي يعمل فيها 380 موظف وفيها 17 ملعبا أرضيتها وعشبها يماثل ويتطابق مع عشب الأولد ترافورد حتى يتعلم الأطفال الأحساس بنفس العشب .. ومن اطفال أكاديميتهم السابقين بول سكولز ورايان غيغز وديفيد بيكهام ومدير الفريق آليكس فيرغيسون على رأس عمله منذ 23 سنة رغم انه مر بأيام قحط من الإنجازات والإخفاقات .... والموظفون في النادي وملحقاته يداومون بنظام البصمة وليس بنظام مرحبا شباب وانا اليوم تعبان وبكرة مرضان وبعد بكرة حماتي جاي تتغدى عنا؟؟؟؟

لا هوامش للخطا هناك وكل شئ محسوب والكرة تجارة وإقتصاد وعلم وإدارة وتكنولوجيا ولا يوجد لاعب يصرح لوسائل الإعلام على كيفه ولا يوجد إعلامي يتحدث مع لاعب أو مدرب او إداري دون علم إدارته حتى الاسئلة يرونها ويدققون فيها قبل ان يتم توجيهها للمعنيين بالمقابلة الصحفية أو التلفزيونية ....

هذا غيض من فيض الأحتراف الحقيقي الذي لمسته لدى مانشستر يونايتد وهو مادعاني للقول .. هم فين ونحنا فين ؟؟؟

موضوع رائع