وحسب
البرنامج العام الذي سطرته لجنة البرمجة، استقبل فريق الوداد البيضاوي في
دورتين متواليتين بملعبه وأمام جمهوره ـ كما أعطي نفس الإمتياز لجميع
الفرق الوطنية، كل حسب دوره وتوقيته ـ فاستقبل ممثل الفوسفاط أحد الأضلاع
الأساسية في منظومة البطولة الوطنية منذ أن قرر المسؤولون على النادي عدم
اللعب والمشاركة من أجل تنشيط البطولة، وهيأوا كل سبل النجاح لتحقيق
أهدافهم المشروعة في ظل احتضان الفريق من طرف أحد أكبر المحتضنين
النموذجيين على الصعيد الوطني، ونعني به بالطبع المكتب الشريف للفوسفاط
الذي لا يقبل داخل مكتبه المسير، أعضاء من غير شواهد علمية عالية ودبلومات
كبيرة في الهندسة وما يعادلها لتقنين التسيير والتدبير اليومي للنادي
والفريق، وربما كان للإطار الوطني والناخب الوطني الأسبق السيد مصطفى مديح
كبير الأثر على أسلوب اللعب الذي أضحى يتميز به الفسفاطيون دون اعتمادهم
في ذلك على النجوم، حتى وإن كان هذا العمل قد لاحت بوادره منذ أن تعاقب
على الإدارة التقنية للفريق عدد من الأطر التقنية، لكن دون أن تصل ما وصل
إليه مديح وهو يحقق الإزدواجية، ثم يرحل عنه وهو في أحسن أحواله·
إذا،
فخصم الوداد البيضاوي كان من العيار الثقيل الذي راكم لاعبوه مجموعة من
التجارب والمشاركات العربية والإفريقية، وعود الجماهير البيضاوية على
اللعب المفتوح وعدم التقوقع في الدفاع، بحثا عن التعادل، وفي ظل كل هذه
المعطيات الخاصة بالخصم الخريبكي، دخلت العناصر الودادية بمعنويات عالية
لتزكية نتيجة الدورة الثانية ضد الكاك، فناورت وأبدعت، وهددت فأصابت ثم
سيطرت على مجريات اللقاء تحت تصفيقات وهتافات جماهيرها المتيمة في حب
اللونين الأحمر والأبيض، وفي خضم الحملات المتبادلة ورغبة الضيوف في تدارك
الموقف، ومن غير أن ينتبه الربان وطاقمه التقني لما سيقدم عليه وهو يقحم
لاعبا أجنبيا ثالثا رغم كل المحاولات اليائسة لحميد الطسيلي عضو المكتب
المسير ولرئيس اللجنة التنظيمية عندما مُنع من النزول إلى الملعب لثني
الزاكي عن إقحام كوليبالي، وبالتالي تجنيب الفريق من هزيمة بالقلم، سيما
وأن دكة احتياط، الفريق الفوسفاطي كانت تضم أحد الإداريين الأكفاء المشهود
لهم بالنزاهة والأهلية إسمه ميلود جدير، الذي كان جديرا بتسجيل اعتراض
فوري عن النازلة والخرق القانوني غير المتعمد من الزاكي وطاقمه الذي لم
يحرك ساكنا إلا بعد فوات الأوان، وينهزم الفريق بالقلم بعدما سجل تفوقه
الميداني على أرضية الملعب، فيبعد الكاتب الإداري الحاج بنونة ويُعوض بآخر
أكثر نباهة وذكاء تم استقدامه من قلعة الرقراق الجمعية السلاوية حتى لا
تتكرر مثل هذه الأخطاء الإملائية البسيطة التي تُدرس في الأقسام التحضيرية
الأولى·
رب ضارة نافعة
لا
يمكن أن ينكر أي ودادي أو أي متعاطف مع الفريق بأن الهزيمة بالقلم نزلت
كالصاعقة، محوّلة أفراح الحمراء إلى حزن وغبن أنسى الجميع حلاوة الإنتصار
والعرض الشيق الذي رسم لوحاته الفنية مجموعة شابة وأخرى مخضرمة أبت إلا أن
تستجيب لهتافات الحناجر الودادية المبحوحة التي أثث فضاء ومدرجات ملعب
مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، في ذلك اليوم التاسع والعشرين من شهر
شتنبر 2009، ومن الطبيعي جدا أن يتأثر اللاعبون بالهزيمة غير المتوقعة
وبخصم ثلاث نقط ثمينة من رصيد الفريق قد يعز فيها الطلب عند الأمتار
الأخيرة من نهاية البطولة الوطنية·
ومع
ذلك، تمكن الفريق من جمع ثماني نقط أخرى من أصل أربع مباريات خاضها تباعا
ضد كل من الكوكب المراكشي وشباب المحمدية وحسنية أكادير وأولمبيك آسفي،
إنتصر في إثنتين منها داخل ميدانه وتعادل في الأخريين بنتيجة (1ـ1) أمام
الكوكب، وبصفر لمثله أمام حسنية أكادير، لكن مباراته ضد الفريق العسكري
بملعب مجمع الأمير مولاي عبد الله برسم الدورة الثامنة، تركت جرحا غائرا
في نفسية الإطار الوطني بادو الزاكي المعروف بهدوئه واحترافيته عندما أحس
وكأنه مستهدف من جهة ما، فأزبد وأرغد احتجاجا على قرارات الحكم الدولي
السيد عبد الله العاشيري من غير إهانة أو سب أو قذف، متسائلا حينها عن سبب
إعلان العاشري عن ضربة جزاء خيالية مع عدم توجيه البطاقة الحمراء لكريم
فكروش الذي أمسك بالكرة ـ حسب الحكم ـ خارج منطقة العمليات! فتلقى على إثر
إحتجاجاته تلك توقيفا مع وقف التنفيذ إلى أن يعود مرة أخرى لإحتجاجاته،
الشيء الذي أثر كثيرا في نفسية الزاكي وكل الفعاليات الودادية التي هدأت
من روع ربان سفينتها الحمراء الذي كاد في وقت من الأوقات وفي فورة غضبه أن
يقدم استقالته من التدريب·
وبعدها
تعادل سلبا في ثلاث مباريات متتالية ضد كل من المغرب التطواني والجمعية
السلاوية والرجاء الرياضي، هذه المباراة الأخيرة التي رفعت كثيرا من
معنويات اللاعبين بعد العرض الجيد الذي قدموه والمؤازرة الكبيرة والمتميزة
للجمهور الودادي الذي حج بكثافة وبكل أنواع التشجيع والتحفيز، ليخطف بعدها
فوزا ثمينا من قلب ملعب الشيخ محمد الأغظف بمدينة العيون أمام شباب
المسيرة ويتعادل أمام الخميسات ويفوز بوجدة على المولودية المحلية ويخسر
برعونة أمام الدفاع الحسني الجديدي رغم سيطرته الميدانية التي لم تكلل
بالفوز، وبالتالي تضيع منه ست نقط إذا احتسبنا المباراة التي خسرها بالقلم
أمام أولمبيك خريبكة، لكنه في المقابل ربح شيئا مهما وهي التجربة والجلد
لشبان في بداية مشوارهم الكروي، وكانت هذه الهزات بمثابة تلقيح لاكتساب
المناعة، وكما تقول الحكمة المأثورة >رب ضارة نافعة<·
إنتصارات متوالية
بعد
إجراء الدورة الواحدة والعشرين من بطولة الموسم الرياضي الجاري، وبالرغم
من كل التعثرات، ها هي وداد >الأمة< تحتل الرتبة الثالثة عن جدارة
واستحقاق بمباراة ناقصة أمام حسنية أكادير وراء المتزعم الرجاء والدفاع
الحسني الجديدي وتحقيق الشياطين الحمر لخمسة إنتصارات متوالية دون خطأ أو
تعثر، مما أصبح معه التنافس على اللقب الثاني عشر مطمح مشروع في ظل انتظار
إياب الديربي البيضاوي الذي قد يخلط كل الأوراق في حالة أي تعثر للمنافس
الرجاوي فيما تبقى من دورات البطولة·
وموازاة
مع هذه الصحوة، ففريق الوداد البيضاوي الذي بلغ المباراة النهائية لدوري
أبطال العرب في نسخته الأخيرة، يراهن هذه السنة على الظفر باللقب بعد
سلسلة نتائجه الموفقة التي أوصلته للدور الربع النهائي والذي خاض مباراة
ذهابه الأحد الأخير أمام الوحدات الأردني وخسره بهدفين لهدف واحد، لتبقى
الحظوظ قائمة في بلوغ المربع الذهبي لثاني مرة على التوالي من خلال لقاء
إياب ساخن ومثير سيجرى يوم السبت 21 مارس القادم، وسيكون خلاله فرسان
الوداد بحاجة إلى دعم ومؤازرة قوية من جماهيرهم·
جمهور متيم في حب معشوقته الحمراء
إذا
كان المكتب المسير قد هيأ كل الظروف للأطقم التقنية والطبية والإدارية
ويسر لها سبل النجاح والتألق في مهامها، وإذا كان اللاعبون بدورهم يبذلون
قصارى جهودهم لتحقيق الأهداف المسطرة، فإن دور الجمهور يبقى كبيرا وفعالا،
وبدونه قد تذهب كل المجهودات المبذولة أدراج الرياح· والجمهور الودادي
متميز في تشجيعاته ومؤازرته اللامشروطة لفريقه الأحمر، وبالرغم من تعدد
جمعياته واختلاف تسمياتها، فهي جميعا تتوحد ويوحد بينها اللونين الأحمر
والأبيض، والعشق الأبدي لفريق ظل على مر السنين، ومنذ تأسيسه سنة 1937
معقلا من معاقل النبوغ ومشتلا لإنبات وتفريخ المواهب والنجوم·
فطوبى
للأسر الودادية بفريقهم ذي الألوان الأرجوانية الزاهية، وهنيئا للوداد
بجمهوره الرائع المطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى أن يضاعف تشجيعاته لبلوغ
المنى والطلب·